احب ان يجوع ابني ليجد لذة الشبع و يظما ليستعذب طعم الري و يتعب ليشعر ببرد الراحة و يسهر لينام ملا جفونه اي انني احب له السعادة الحقيقية التي لا سعادة في الدنيا سواها.
و ما السعادة في الدنيا الا لمحات الرق تخفق حينا بعد حين في ظلمات الشقلء فمن لا يرى تلك الظلمات لا يراها و اشقى الاشقياء اولئك المترفون الناعمون الذين يوافيهم الدهر بجميع لذائذهم و مشتهياتهم فلا يزالون ينعمون فيها و يتقلبون في جنباتها حتى يستنفذوها فيستولي على عقولهم مرض السامة و الضجر فيتالمون من الراحة اكثر مما يتالم التعب من التعب و يقاسون عذاب الوجود اكثر مما يقاسي المحروم من عذاب الحرمان و قد تدفعهم تلك الحالة الى الالمام بمشتهيات غريبة لا تتفق مع الطبيعة البشرية و لا تدخل تحت حكمها تفريجا عن انفسهم و ما هؤلاء المساكين الذين نلراهم سهارى طوال الليل في ملاعب القمار و مجالس الشراب و مواقف الرهان الا جماعة الفارين من سجون السامة و الملل يعالجون الداء بالداء و يفرون من الموت الى الموت.