السلام عليكم اخوتي انا مشغولة جدا هاته الايام مع الدراسة و لكنني ابيت الا ان اكتب لكم هاته الكلمات الروحانية الرقراقة العذبة الفياضة التي قراتها في كتاب محمد الغزالي *عقيدة المسلم * التي اثرت في نفسي ايما اثر و لقد اثرت على ان اتقاسمها معكم .
اذا ما اتجه الفكر في السموات حيث انتشرت النجوم في الليل و اذا ما كل البصر فيما لا نهاية له في الافاق المظلمة و اذا ما خشعت النفس خشعتها من رهبة السكون الشامل فانك تشرف بوجهك الكريم من خلال هذه الافاق و تسمع صوتك في ذلك السكون و تمس بعظمتك النفس الخاشعة المطمئنة .
حينئذ تبدو الافاق المظلمة كانها باسمة مشرقة و يتحول السكون الى نبرات مطربة تنبعث من كل صواب و حينئذ تتغنى النفس خاشعة لتقول
*انت انت الله*
و اذا ما كان المتامل على شاطىء البحر الخضم و ارسل الطرف بعيدا حيث تختلط زرقة البحر بزرقة السماء و حيث تنحدر شمس الاصيل رويدل رويدا كانها الابريز المسجور لتغيب في هذا المتسع الملح الاجاج و حيث تتهادى الفلك ذات الشراع الابيض في حدود الافق الملون بالوان الشفق كانها طائر يسبح في النعيم اذ ذاك يشعر المتامل بعظمة واسعة عظمة البحر الواسع..
و اذ ذاك تقر العين باطمئنان الفلك الجاري على اديم الماء الممهد و في رعاية الله الصمد حيث تكون مظهر العظمة و حيث تطمئن النفس لرؤية ما تطمئن اليه في منظر جميل
اذ ذاك يدق القلب بدقات صداها * انت انت الله *
و اذا ما انطلقت السفينة بعيدا بعيدا في البحر اللجي و هبت الزوابع و تسابقت الرياح و تلبد بالسحب الفضاء و اكفهر وجه السماء و ابرق البرق و ارعد الرعد و كانت ظلمات فوق ظلمات بعضها فوق بعض و لعبت بالسفينة الامواج و اجهد البحار جهده و افرغ الربان حيلته و اشرفت السفينة على الغرق و تربص الموت من كل صوب و حين ذاك يشق ضياؤك هذه الظلمات و المسالك و تحيط رافتك بهذه الاخطار و المهالك و تصل بجبال نجدتك المكروبين البائسين و اذ ذاك يردد القلب و اللسان * انت انت الله *
و اذ ما اشتد السقم بمن احاطت به عناية الاطباء و سهر الاوفياء و نام بين امال المخلصين و دعوات المحبين ثم ضعفت حيلة الطبيب و لم ينفع وفاء الحبيب و استحال الرجاء الى بلاء
اذ ذاك تتجلى مستويا على عرش عظمتك و النواصي خاشعة و النفوس جازعة و الايدي راجية و القلوب واجفة و اليدي راجفة لتقول * انا قضيت* و يقول الطبيب و القريب و الحبيب * لك الامر انت انت الله *
و اذا ما باين الدنيا انسان و باينته اذ ينظر الى المال فيلقاه فانيا و الى الجاه فيلقاه ذاويا و الى الاماني فيلقاها زائلة و الى الامال فيجدها باطلة و الى الشهوات فيجدها كاذبة خادعة و الى المسرات فيجدها افلة غاربة اذ ذاك يستغني عن الجاه و المال و تشل في نفسه حركة الامال و بين جاه يدول و امل يزول لا يملا فراغ النفس الى ذكرك * انت انت الله *
و اذا ما وقعت العين على زهرة تتفتق في الاكمام او تلاقت العين بعين يملؤها الحين و الابتسام اذا اعجب المعجبون بجمال الفجر المتنفس و تغريد الطير المتربص و عاود الصدر انشراحه و ملا القلب ارتياحه
اذ ذاك يشرق في قلوبنا نورك الجميل * انت انت الله *
فيما يمس النفس من مظاهر العظمة و مظاهر السعة و مظاهر الرحمة و مظاهر القضاء و القدر و مظاهر الدجوام و البقاء و مظاهر الجمال و الجلال و اعتياد الناس ان يصفوك بالعظيم و الواسع الرحيم و القادر و الدائم و اوتار القلوب تردد * انت انت الله*