قلب كاظم للغيظ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبينا بعده اما بعد
مواصلة لسلسلة القلوب التي نهدف من خلالها إلى إصلاح تلك المضغة التي نسأل الله الصلاح فبصلاحها تكون النجاة لنا بإذن الله و وودت أن أتطرق في هذه الحلقة لإلى مبتغى ننشده جميعا لما له من فضل و هو كظم الغظ فهذه بعض فوائد وثواب كظم الغيظ والعفو عن الناس
أسأل الله أن ينفعني وإياكم بها ويجعلنا من المتحابين فيه
قال تعالى :
{ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين } (1)
وعن سهل بن معاذ بن أنسالجهني عن أبيه : عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال : ( من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيّره في أي الحور شاء ) (2) .
من كظم غيظاً :أياجترع غضباً كامناً فيه .
قال في النهاية كظم الغيظ : تجرعه واحتمال سببه والصبر عليه.
قال ابن كثير : "أي لا يُعمِلون غضبهم في الناس ، بل يكفون عنهم شرهم و يحتسبون ذلك عند الله عز وجل " (3) .
( وهو يستطيع أن ينفذه ) : بتشديد الفاء أي يمضيه .
( دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق ):أي شهره بين الناس وأثنى عليهوتباهىبه ويقال فيحقه هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة العظيمة .
( حتى يخيره ) :أييجعله مخيراً .
( في أي الحور شاء ) : أي في أخذ أيهن شاء , وهوكناية عن إدخاله الجنة المنيعة , وإيصاله الدرجة الرفيعة .
قال الطيبي : وإنما حمدالكظم لأنه قهر للنفس الأمارة بالسوء , ولذلك مدحهم الله تعالى بقوله : { والكاظمينالغيظ والعافين عن الناس} ومن نهى النفس عن هواه فإن الجنة مأواه والحور العينجزاه. قال القاري : وهذا الثناء الجميل والجزاء الجزيل إذا ترتب على مجرد كظمالغيظ فكيف إذا انضم العفو إليه أو زاد بالإحسان عليه (4) .
وقال الشاعر :
وإذا غضـبت فكن وقوراً كـاظماً *** للغيظ تبصر ما تقول وتسمع
فكفى به شرفاً تبصر ســاعة *** يرضى بها عنك الإله وترفـع
وقال عروة بن الزبير في العفو:
لن يبلغ المجد أقوام وإن شرفوا *** حتى يذلوا أو إن عزوا لأقـوام
ويشمتوا فترى الألوان مشرقـة *** لا عفو ذل ولكن عـفـو إكرام
ومن القصص :
روي عن ميمون بن مهران أن جاريته جـاءت ذات يوم بصحـفة فيها مرقة حارة, وعنده أضياف فعثرت فصبت المرقة عليه, فأراد ميمون أن يضربها:
فقالت الجارية: يا مولاي, استعمل قوله تعالى: { والكاظمين الغيظ } قال لها: قد فعلت.
فقالت: أعمل بما بعده { والعافين عن الناس} . فقال: قد عفوت عنك.
فقالت الجارية: { والله يحب المحسنين } .
قال ميمون: قد أحسنت إليك, فأنت حرة لوجـه الله تعالى.
ومدح الله تعالى الذين يغفرون عند الغضب وأثنى عليهم فقال: { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } (5).
وأثنى على الكاظمين الغيظ بقوله: { والعافين عن الناس } , وأخبر أنه يحبهم بإحسانهم في ذلك.
وأيضاً من ثواب من كظم غيظاً :
1- يملأ الله عز وجل جوفه إيماناً : كما في الحديث :
عن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ... و ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظمها عبد الله إلا ملأ جوفه إيماناً ) . (6)
2- يملأ الله عز وجل جوفه أمناً إيماناً : كما في الحديث
عن سويد بن وهب عن رجل من أبناء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيه قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كظم غيظاً و هو قادر على أن ينفذه ملأ الله جوفه أمناً و إيماناً ... ) (7)
3- أفضل أجراً :كما في الحديث
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما تجرع عبد جرعة أفضل أجراً من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله ) رواه ابن جرير ،و كذا رواه ابن ماجه عن بشر بن عمر عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد .
[b]