من الممكن لأي إنسان أن يكون إيجابيا في الظروف العادية، ولكن القوة الحقيقية تظهر عندما يواجه الإنسان تحديا من تحديات الحياة ويفكر إيجابيا. د. إبراهيم الفقي
يعتبر التفكير السليم من بين المواضيع الأساسية التي عني بها الفكر البشري عبر الأزمنة والعصور, لذلك نجد الكثير من أهل العلم والدراية حين التطرق إلى مثل هذه المواضيع يحرص كل الحرص على بيان: تعريفه, أهميته, أحكام الشارع الحكيم فيه... و المقام هنا لا يقتصر على العلماء والمختصين فقط، بل يتعداه إلى كل مفكر أحسن استغلال الحواس التي منّ الله تعالى عليه بها,هذا وفق إستراتيجية تأخذ بعين الاعتبار كلّ ما من شأنه أن يؤثر على السلوك المفضي إلى النتائج والأهداف
فتحسين الفكر وتطويره ينبني على توجيه الحواس و المشاعر وتقويمها أولا ثم الاعتراف بها ومواجهتها ثانيا، إذ نجد لكل واحد منا الكثير من العواطف المتعلقة بالقضية المطروحة موضع النقاش ، والتي تجعل من جوفه مقرا لصراعات داخلية كثيرا ما تكون نتائجها وخيمة، وهذه الصراعات عموما منبثقة من كونه باحثا عن الحيادية في معالجة القضايا. المطلوب هنا أن يحاول الإنسان الاعتراف بكل تلك المشاعر حتّى التي قد لا يكون على وعي تام بها، فهي التي تؤثر على التفكير وتوجهه على نحو قد يكون غير سوي، والاعتراف بها يعني محاولة إبعادها عن دائرة التفكير
وهنا تبرز قيمة التفكير الناقد . والتفكير الناقد هو تفكير منطقي، المفروض فيه أن يكون بصوت مرتفع أي مع شخص نحاول أن ،نضع ثقتنا فيه ولا يجدر بنا بأي حال من الأحوال أن نحاول تطويره أو تحسينه بل علينا فقط أن نركّز على أنفسنا حين سرد الأفكار لنكتشف مكمن الإبهام, اللبس والنقص وهذا النوع من التفكير كثيراً ما يكون مبنياً على حقائق وصادقاً ، وإن كان لا يشترط أن يكون منصفاً دائماً، هذه العملية الذهنية البسيطة تعتبر فرصة حقيقية لتحديد أهدافنا وتطوير توجهاتنا حيث أنه إذا علم كل واحد منا أنه يملك قدرة خارقة في التحكم في أفكاره وتوجيهها مع حواسه نحو الدرب الذي يختاره عقله، وأن فكرة إيجابية واحدة تختلج روحه مدة من الزمن قد تجعل منه الشخص الذي أراده دوما، وأن هذه الفكرة لا يمكن لها أن تكون سديدة إلاّ إذا اقترنت بنقد جدّي وصادق، لجعل لنفس وقتا لنقدها وتطوير أساليبها ولتذكّر أن التفكير هو على مستوى مّا تفكير بنائي ؛ حيث لا يستغني أي عمل جيد عن المراجعة وإعادة النظر ، وفي ذلك شكل من أشكال نموّه . وهذا لا يُنسينا أيضاً أن النقد شديد الإغراء فالمبالغة فيه تجعل منّا لا نحسن غيره، وتفقدنا الكثير من الوقت وهنا تظهر قيمة التفكير الإيجابي الذي يدعوا إليه علماء التنمية البشرية باعتباره تفكيرا يركز على الإيجابيات ويعزز الثقة في النفس, إنه بمثابة جرعة من الشجاعة والقدرة على مواجهة التحديات والعراقيل التي تواجه البشر, ومع هذا فلا بد من القول : إن الخط الفاصل بين التفكير الإيجابي والاندفاع المتفائل المتهور ، هو خط ضيق ، ولذا فإمكانات الخلط بينهما ستظل متوفرة دائماً الحقيقة أن الناجحين ينتبهون دائماً إلى جوانب النفع الخفية ، وبذلك يسبقون غيرهم .
إن من الثابت أن الله لا يغلق بابا حتّى يفتح عشرا من أبوابه، لكن قصورنا الثقافي والتربوي يجعلنا نُشغَل بالباب الذي أغلقه عن الأبواب التي فتحها سبحانه وتعالى,
ولذلك ينبغي علينا أن نجعل قدوتنا نبينا صلى الله عليه وسلم ومنهجنا سيرته وأفكارنا أسلوب حياته وسلوكنا من سلوكه صلى الله عليه وسلم. بهذا يكون كل واحد منّا قد منح دخيلته فرصة أن تشرئبّ تياهة في سماء التفكير الإيجابي, بل حتى إلى ذروة الفكر الإبداعي إن أراد