ما هي الحضارة:
يعرف مالك بن نبي الحضارة بأنها: " مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد في كل طور من أطوار حياته المساعدة الضرورية " أو هي : " إنتاج فكرة حية تطبع على مجتمع الدفعة التي تجعله يدخل التاريخ " فالحضارة عند مالك هي الحاضنة للتقدم، والمحيط المناسب لإشاعة ثقافة العلم، حين تعطي الفكرة المبررات الدافعة لليد والعقل للاستفادة من الوقت.
وأضرب مثالاً يوضح فكرة ابن بني : قد يكون العربي ( قبل الإسلام) على درجة كبيرة من الذكاء، وعنده من أخلاق الشجاعة والكرم والوفاء الشيء الكثير، ولكن بغير الحد الأدنى من الثقافة فإنه ينفق ذكاءه في البحث عن القوت، فالحضارة تبدأ حين يتعلق الإنسان بمبدأ سماوي، وحيث ينتهي الترحيل والقلق والاضطراب، أي لا بد من الاستقرار في الحضر، فإذا أمن الإنسان تطلعت نفسه نحو الإبداع والإنشاء، وقد امتن الله -سبحانه وتعالى- على قريش بنعمة الأمن، وهي القبيلة التي سيخرج منها الجيل الذي التف حول الرسول – صلى الله عليه وسلم- وقاد الدولة الإسلامية قال – تعالى- " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف" [ قريش: 4.3]. وقد صنعت الحضارة الإسلامية لأول عهدها ثقافة مشتركة جعلت العرب يقبلون على العلم بنهم عظيم، حتى إننا نجد الواحد منهم يطلب العلم ويجالس العلماء عشرات السنين.